بلا وداع

في ليل يمتد بعمر قلوبنا المتعبة .... تسافر الذاكرة هائمة ... تقلب صفحات ذاك الذي كان ....

في ليل صمتك تفتح أبواب الحنين ... لتصحو أصوات وملامح كلما أوغلت في البعد .. كلما زاد الحاح حضورها ....

" مسكونون بأوجاعنا نحن "

يا لتلك الذاكرة المسكونة بوجع الليل .... بوجع روح هائمة للرحيل ... لنداء المجهول في أعماقي .... يتناثر العمر أشلاء بقايانا في أماكن ليست لنا وقلوب لسنا لها ....

أرتحل مع سفر الايام .. أحمل ذاكرة حزن للأيام القادمة .... فهذا العمر أصبح بطعم الرحيل .. في حقيبة حزنك تحزم الفراق وتقرر ذات ليل ... انك لن تعود .... وتقسم انك لن تعود .... ويجن بك الوطن والماضي وغربة مكان لم تألفه بعد .... فهل ننسى .....

.... هل ننسى ......

سؤال مخبأ في اعماقنا .... قبل الوداع يطرق الخوف قلبك " هل ستنسى ".... بعد وقبل وكل العمر .... تطالعك عيون الذين رحلوا .. أصوات خطواتهم ... خيبة لحظة الفراق ... " أيها العمر لن يرجعوا ".... كلما أدركت مرارة الحقيقة .... يسائلك حزنك " هل ستنسى" ...

لتمضي في العمر بلا ذاكرة .... لا تطل البقاء .... تعلم فن الرحيل قبل نهاية الاشياء .... قبل مرارة الوداع ..... قبل كلمات تبقى صاحية مهما نامت الجراح .....

اليوم ..... تعلمت ان اختفي بهدوء ... دون ضجيج ..... الغياب أسهل دون إلقاء آخر نظرة على مقدساتنا ..... لا أريد صور في الذاكرة ..... تعلمت الخروج من الأبواب الخلفية للحياة تاركة الأضواء للذين بلا قلوب ....

قلبي قد أغلق نوافذ ليله .... قبل ان تسقط كل النجوم من سمائه .....

فإذا ما بقي مكاني شاغراً .... فهذا لأنه وقت الرحيل .....

بلا وداع ....